الجزائر

أوباما ورومني وجهان لأمريكا واحدة!



أوباما ورومني وجهان لأمريكا واحدة!
لم نسمع طيلة حملة الرئاسيات الأمريكية التي جرت أمس، في جو ديمقراطي في مستوى أمريكا، كلمة انتخابات محسومة مسبقا، وكان التباري على أشده، ليس بين بشرة بيضاء وأخرى سوداء مثلما تركز عليه النقاش في الرئاسيات الفارطة والتي دخل من خلالها أول رئيس أسود البيت الأبيض، وإنما على برامج. فكلا المرشحين يجتهد ويدقق حساباته ليقدم أفضل خدمة لناخبيه ومواطنيه، ويحاول كلاهما إقناع الناخب الأمريكي باختيار ورقته وفق ما سيربحه في ميزان فرص العمل والقدرة الشرائية والضرائب وسعر البنزين وفرص التعليم وغيرها من المسائل التي تمس مباشرة المواطن الأمريكي أيا كان لون بشرته ومعتقده.
وكذلك جاءت عمليات سبر الآراء التي لم تحسم القضية لأي مرشح على حساب الآخر، لأن الناخب الأمريكي الذي انتخب لأوباما سنة 2008، ليس بالضرورة سيعيد انتخابه هذه المرة، وكثير ممن صوتوا لأوباما في السابق قالوا إنهم يراجعون حساباتهم ومواقفهم ويفكرون لمن سيعطون أصواتهم هذه المرة، بعد أن تأكد أن أوباما لم يف بالوعود التي قطعها على نفسه ولم يحقق النهضة الاقتصادية المرجوة، ولم يتغلب على الأزمات التي تواجه أمريكا ماليا واجتماعيا، بل زادت حدة البطالة، وزاد الفقراء فقرا. وزادت أمريكا غرقا في وحل الحروب التي تخوضها خارج حدودها، حتى وإن انسحبت من العراق، فما زال ثقل هذه المهمة ينهك كاهل المجتمع والميزانية الأمريكية تماما مثل حرب أفغانستان.
ومن الصعب أن يغامر الناخب الأمريكي في اختيار المرشح الجمهوري، الذي لا يختلف في خطابه اللاهوتي عن خطاب السلفية الجهادية في البلدان الإسلامية وهو الآخر يعد الشعب الأمريكي بالغيبيات، مثلما وعد أصدقاؤه اليهود بأن خلاص إسرائيل سيتم بعودة المسيح إلى الأرض، ويتخلص العالم من المسلمين.
خياران كلاهما مر، ليس بالنسبة للشعب الأمريكي فحسب، بل بالنسبة لكل شعوب العالم، لأن الناخب الأمريكي يتخذ بهذه الانتخابات قرارات مصيرية ليس لأمريكا فقط وإنما بالنسبة لكل شعوب العالم، التي تتحكم أمريكا بمصائرها.
فالناخب الأمريكي يقرر بهذه الخيارات مصير ما يحدث في سوريا وما سيحدث في العراق، وفي أفغانستان. وماذا سيحدث في جنوبنا في الساحل، وفي فلسطين التي سيكون مصير قضيتها في المجهول أكثر بمجيء رومني الذي هو صديق مقرب لنتنياهو.
وفي الحقيقة لن يكون العالم العربي أسعد بانتخاب رئيس يحمل اسم حسين، لأن تجربة السنوات الفارطة بينت أن لا فرق بين بوش وأوباما بالنسبة للعرب، وأن أوباما الإفريقي ذا الأصول المسلمة الأسود البشرة، أنجز على الأرض ما كان يفكر فيه بوش، وأشعل في الجسد العربي باسم الثورات المزعومة فتنة ستبقى آثارها ممتدة إلى عشرات السنين، هذا إذا لم تعصف نهائيا بمستقبل شعوب المنطقة، بعد الإلقاء بها في أحضان الإسلاميين المتشددين، كاختيار أوحد لنظم الحكم.
لكن تبقى أمريكا دولة مؤسسات، وتبقى خياراتها الخارجية تصب في مصلحة أمريكا وأمريكا فقط، سواء كان الذي ستفرزه الصناديق اسمه أوباما أو ميت رومني، لا يهم؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)