الجزائر

أهي الثورة؟



جاءت المسيرات التي جابت كل ولايات الوطن منددة بالوضع الذي آلت إليه الساحة السياسية التي عشّش فيها النظام و الوجوه مند عهد بعيد جدا متسلسلة في الدفع بمطالبها التي تدرّجت بشكل سريع ووصلت إلى المطالبة باستئصال النظام في الحكم و هو نظام قال الحراك الشعبي أنّه نال حقه من المسؤولية و النفوذ وصار لزاما عليه المغادرة .أضف إلى ذلك تردي أوضاع العيش لدى فئات من المجتمع رغم أنّ الدافع الأول لخروج الجزائريين لم يكن الوضع الاجتماعي بالدرجة الأولى، كما لا يمكن اغفال الحالة الاقتصادية التي استشرى فيها الفساد بما لا يدع مجالا للشكّ في أنّ قوة تستحوذ على المشهد المالي في البلاد و ظهور عديد الأسماء التي صارت بقدرة قادر ذات نفوذ مالي واقتصادي و ارتبطت علاقتها بالنظام وصارت رمزا من رموز السلطة، وهو الفعل الذي أثار ثائرة كل فئات المجتمع التي وجدت نفسها تخرج من تلقاء نفسها إلى الشارع بالطريقة السلمية معبرة وبفم واحد على ضرورة توقف هذا الحال الذي آلت إليه البلاد.
فكان الحراك شعبيا سلميا و إن كان في الأول مطالبا بعدم تقدم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة و استجاب الرئيس لمطلب الجزائريين، وجدنا الشارع ينتقل في ظرف وجيز إلى اغتنام فرصة الحماس من أجل استئصال نظام يتهمه بأنّه السبب الرئيس و الأول في تطوّر الأوضاع إلى مرحلة السوء التي وصلت إليها البلاد ، مرحلة كان بالإمكان تجنبها لو كانت الاصلاحات السياسية جوهرية وذهبت إلى العمق بتحسين أداء النظام وعدم تدخله السافر في كل شيء، وأيضا تداول صحيح على المناصب وفق الكفاءات وفصل السلطات و تمتيعها قدر المستطاع بالاستقلالية وكذا ارساء منظومة قانونية تحفظ ثروات البلاد و تصون المكتسبات.
وهي المكتسبات التي سيطر عليها البعض لمزيد من الاسترزاق السياسي والمالي، ما أدّى إلى تفاوت طبقي صارخ رغم ما تتوفر عليه البلاد من ثروة وموارد مادية وبشرية .
عادة ما تكون الانتفاضات بدافع دفع الوضع الاجتماعي و الاقتصادي المتردي الذي لم تستجب له الدولة بالشكل المطلوب و غياب الحق السياسي ، ولكن حراك الجزائريين السلمي كان دافعه الأول سياسيا وحفّزته عوامل عملت السلطة على ابقائها و لم تستأصلها من الممارسة السياسية مثل التحكم في دائرة السلطة التي أصبحت حكرا على جيل دون سواه وأيضا الاضعاف الكبير الذي أوصلت إليه السلطة الأحزاب والطبقة السياسية عموما ، و موضوعيا حتّى المعارضة لم تفعل شيئا لقاء تحررها من الدوران في فلك النظام . و لم تشعر الشعب بأنها طرف في صناعة القرار والمطالبة بالحرية و الاستقلالية لها و للشعب طبقا لما جاء في دستور البلاد .
وانتشر الفساد لغياب الرقابة الشعبية على أداء الحكومات و حتىّ البرلمان الذي ينتخبه الشعب لا يؤدي ما عليه لانغماس العديد من أعضائه في ذات المشكل أو على الأقل التواطؤ بالسكون والانزواء إلى الصمت . اليوم وجد الشارع الجزائري نفسه أمام مسير سلمي طويل هدفه الأول ذهاب النظام كما صار يرى في المطالب التي يرفعها الحراك و حالات التململ في الإدارات و الفئات المهنية التي تهدد بالإضرابات كمرحلة أخرى من أوجه الاحتجاج السلمي للجزائريين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)