الجزائر

أنامل ربات البيوت تتفنن في إعداد حلوى العيد وأخريات يلجأن الى اقتنائها جاهزة



انتشرت في السنوات الأخيرة صناعة الحلويات بشتى أنواعها وأشكالها الجميلة، حيث تتفنن أنامل العديد من السيدات اللواتي أبدعن فيه فبعدما كانت هذه الأخيرة يصنعن في البيوت، تلجأ أخريات لاقتنائها جاهزة من محلات بيع الحلويات ورغم عزوف بعض النساء منهن العاملات والماكثات بالبيوت عن إعداد حلويات العيد داخل بيوتهن خاصة التقليدية منها بحجة عدم وجود وقت متسع لتحضيرها، إلا أن هناك من فضلن التمسك بهذه العادة الأصيلة المتوارثة عن الأجداد للاحتفال بعيد الفطر.ربات البيوت يفضلن التقليدي رغم غلاء أسعار المستلزمات الضرورية.
تستقبل العائلات عيد الفطر المبارك بتحضير مختلف أنواع الحلويات التي تزين بها المائدة، حيث لم يعد يفصلنا عنه سوى أيام قلائل، وشرعت ربات البيوت في التحضير له عن طريق اقتناء أهم المستلزمات الضرورية التي تدخل في صناعتها، حيث يعد عيد الفطر المبارك من أفضل المناسبات التي تقدم فيها الحلويات بشتى أنواعها، غير أن الحلويات التقليدية على غرار المقروط، التشاراك، البقلاوة، الغريبية، لكروكي... وغيرها تحظى بشعبية كبيرة مقارنة بالحلويات العصرية الأخرى. وفي هذا الصدد تقول الحاجة عقيلة "يا حسرة على يامات الزمان وين كانت ريحة الغريبية والمقروط والكعك تريح فكل كوزينة تع السطايفية قبل عشرة أيام من العيد.." أما الآن تقول فقد تغير الوقت وتعلق ضاحكة "ولاّوالنسا فنيانات ميطيبوش يتكلوبرك على المشري" أما هي فتقول إنها تحرص دائما على المحافظة على هذه العادة الأصيلة التي تضفي أجواء عائلية تصنع حلاوة العيد ولا يمكنها التفريط فيها، وتقول إنها رغم وجود بناتها وزوجات أبنائها إلا أنها تقوم بتحضير المقروط والغريبية وبعض الحلويات التقليدية التي لا تستغني عنها مائدة الحاجة "عقيلة" في أيام عيد الفطر المبارك. وقالت زهية موظفة متقاعدة "حتى إذا كانت الحلويات التي أعدها لا ترقى لمستوى تلك التي تباع في المتاجر، فأنا أفضل مع ذلك تحضيرها بنفسي. تحضير الحلويات هو جزء من الاحتفال بعيد الفطر. لا يمكنني تصور عيد دون حلوياتي"، في حين قال عمر 50 سنة، لديه ذكريات جميلة عن رائحة ماء الورد واللوز المحمر التي كانت تملأ بيته عنما كان طفلا. وقال وهو يتذكر رائحة طهي الحلويات "أحب أن يستوعب أولادي هذا الجو الخاص لكي يتمكنوا من نقل نفس التجارب للأجيال القادمة" وقال إنه يطلب من زوجته عدم شراء الحلويات من المتاجر.
وبالرغم من التنوع الذي تعرفه صناعة الحلويات، إلا أن العائلات فضلت التقليدية لأنها أكثر اقتصادا وغير مكلفة ولتفادي الغلاء الفاحش الذي أثقل كاهل العائلات ذات الدخل المحدود فيما يخص اقتناء المواد الأساسية لصناعة الحلويات، حيث تلجأ بعض السيدات إلى اختيار أنواع أكثر اقتصادية والابتعاد عن تلك المكلفة، رغم أن الكثيرات اصطدمن بأسعار موادها التي تعرف ارتفاعا رهيبا في الأسواق في الآونة الأخيرة، حيث بدأت محلات بيع المكسرات كاللوز والفستق الحلبي والفول السوداني وباقي مستلزمات صناعة الحلويات الأخرى تعرض سلعها مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار، اذ بلغ سعر الفول السوداني 400 دينار جزاري، كما تراوح سعر اللوز بين 85 إلى 1000 دينار للكيلوغرام الواحد، علاوة عن باقي المستلزمات الأساسية الأخرى إلى جانب المواد المستعملة في ذلك كالطوابع ومواد الزينة التي عرفت قفزة نوعية في الأسعار فاقت القدرة الشرائية للمواطن البسيط ذوالأجر المحدود، وفي هذا الإطار، كشف لنا صاحب محل بذات السوق أن الطلب على شراء مستلزمات الحلويات يزداد في العشرة أيام الأواخر من شهر رمضان، مشيرا إلى أن هناك بعض العائلات من عزفت على اقتناء مادة اللوز والفول السوداني لغلاء أسعارهما وعوضتها بالجوز الهندي والتمر المنزوع نواته.
من جهتها كشفت إحدى السيدات اللواتي التقينا بها أن الغلاء الفاحش الذي تعرفه مستلزمات الحلويات وفي مقدمتها المواد الأساسية كاللوز والفول السوداني فاق الحدود وهذا ما جاء على لسان السيدة (س.ب)، ربة منزل "إن زوجها دخله محدود وأنها ستحضر حلويات بسيطة وغير مكلفة لكثرة المصاريف".
أما مونية فقالت "تعمل العائلات المحتفلة على تحضير أشهى أنواع الحلويات التي يتم تحضيرها في البيت ومن أهم الحلويات التي تحضرها العمريات ونساء المنطقة كروكي، تشاراك، المقروط ولغريبية كما تهتم العائلة بتزيين طاولات العيد بالحلويات الشرقية والغربية والبقلاوة والعرايش والقطايف.
وأشارت مونية إلى أنها شديدة الانشغال بتحضير حلويات وكعك العيد التي تعتبر العنصر الأساسي لاستقبال العيد وقالت "قمت بشراء مستلزمات الحلويات وكعادتي في كل عام وفي كل عيد نقوم بتحضير حلويات العيد في البيت بمشاركة ومساعدة أمي وأختي، حيث تحولت عملية تحضير الحلويات الى عادات وطقوس تمارسها العائلات السطايفية.
نساء يمتهن صناعة الحلويات في العيد وبيعها وأخريات يفضلن اقتناءها جاهزة
رغم أن صناعة حلويات العيد المنزلية من الطقوس التراثية، إلا أن أغلبها لم يصمد أمام التطور الحضاري، وأمام الواجبات المنزلية خاصة للسيدات العاملات اللاتي يتسابقن مع عقارب الساعة لإتمام تحضيرات العيد، مما دفع بأغلبهن للجوء إلى صانعات الحلويات بالمنازل ربحا للوقت والجهد وتفاديا للتقصير، حيث بدأت ظاهرة صناعة الحلويات في المنازل تنتشر في سطيف، إذ تتجه العديد من السيدات لطلب أنواع من الحلويات لعدم إتقانها، خوفا من إتلافها، وتوفيرا للجهد والوقت رغم أن أثمانها باهظة بعض الشيء، حيث ثمنت القطعة الواحدة من الحلويات المصنوعة باللوز أو الجوز ما بين 60 و100 دج، بينما تراوح ثمن القطعة الواحدة من الحلوى المصنوعة بالسوداني ما بين 30 و60 دج. وبما أننا في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الفضيل حيث لا تفصلنا عن العيد سوى أيام قليلة نشهد إقبالا كبيرا على طلب الحلويات الجاهزة خاصة التقليدية منها، فالماشي في شوارع سطيف يلاحظ هذا التوافد الكبير. وعن الأسباب يقول صاحب محل مختص بصنع الحلويات في بومرشي عن امتناع ربات البيوت عن صنع الحلويات إذ أصبح من النادر أن نرى ربة بيت تصنع الحلويات داخل مطبخها، ذلك لما يحتاج تصنيعها من جهد ووقت كبيرين، ويضيف أن أسعار مستلزماتها مرتفعة لذلك تفضل الكثيرات اقتنائها جاهزة، ورغم أن صناعة الحلويات بالبيت عادة أصيلة، فهي تضفي نكهة خاصة لأجواء العيد المبارك، والتي لا تستطيع الاستغناء عنها في مائدة العيد.
وهناك من السيدات العاملات اللواتي لا يستطعن تحضيرها في المنزل لضيق الوقت، وبالتالي يلجأن إلى شرائها من محلات بيع الحلويات أياما قليلة قبل عيد الفطر، "إني أعمل طوال الأسبوع وليس لدي الوقت الكافي لصناعة الحلوى" هذه العبارة التي جاءت على لسان حياة موظفة بشركة خاصة. وأما عن أسعار الحلويات أضافت محدثتنا "إن سعر القطعة الواحدة بلغ 45 دينارا"، مضيفة أن الزبون يأخذها جاهزة دون إحضار أي مستلزمات، وفي حالة إحضار الزبون مستلزماته الخاصة كاللوز وغيرها تحسب القطعة الواحدة ب20 دينارا، في حين أفادت إحدى السيدات العاملات في المستشفى الجامعي بسطيف بأنها تفضل في المناسبات التي تقيمها أو الأعياد شراء الحلويات التقليدية عن تحضيرها في المنزل، خاصة إذا كان الوقت ضيقا، لأن الأمر يتطلب وقتا وجهدا هي في غنى عنه، كما أن شراء المواد الضرورية لتحضير الحلويات يكلف تماما كشرائها جاهزة مع اختزال الجهد من المحلات. وأشارت إحدى الفتيات الجامعيات إلى أن الحلويات التي يتم شراؤها تكون أجمل ومحضرة بإتقان أكثر، بينما التي تحضّر في المنزل معرضة للتلف والاحتراق، ناهيك عن الوقت الطويل الذي تتطلبه، "نشريها جاهزة أو نربح الوقت والراحة.. وتكذب عليك المرأة اللي تخدم كي تقول لك يكفيني الوقت أو نقدر ندير كمية كبيرة وبزاف أنواع تع الحلويات.." هذا ما أكدته "وهيبة" وهي موظفة إدارية حيث تضطر دائما إلى اقتناء الحلويات الجاهزة التي تكون بطلب مسبق بأيام قليلة قبل العيد، وذلك لضيق وقتها وطول ساعات عملها في الوقت الذي تتطلب فيه الحلويات وقتا وجهدا كبيرين،رغم أنها تقول"أحن إلى تلك الأيام التي كنت فيها أعد مختلف أشكال وأنواع الحلويات قبل التحاقي بالعمل". وفي هذا السياق تضيف "حسينة" مقبلة على الزواج: "دأبت على شراء الحلويات منذ ثلاث سنوات في الأعياد بحكم عملي وضيق الوقت"، فهي تضطر في كل مناسبة إلى طلب كمية كبيرة من الحلويات مختلف الأنواع والألوان من المحلات المختصة في بيعها لكي تستقبل بها أهل خطيبها عندما يحضرون لها "المهيبة" في الأيام الأولى من عيد الفطر المبارك. أما "إيمان" صحفية في جريدة وطنية فتقول إنها تحدد ميزانية خصوصا لشراء حلويات العيد خاصة عيد الفطر الذي يتزامن مع شهر رمضان الذي تكثر فيه أشغال البيت وحرارة الصيف المرتفعة التي بلغت ذروتها، فيما تتجه نساء أخريات إلى خبيرات في العجينة لتحضير حلويات العيد، واللاتي أثبتن مهارتهن في صناعة مختلف أنواع الحلويات، فهناك من اختارت هذه الحرفة حبا فيها، في حين أن أخريات اخترنها كمهنة لكسب رزقهن. وفي هذا الإطار قالت وردة، معلمة صناعة الحلوى"إنها تعمل في هذا المجال منذ سنوات، وإنها تعشق صناعة الحلوى وكل ما يتعلق بها من ديكور وتنويع وغيرها" وأضافت المتحدثة إنها وجدت في هذا العمل عائدا ماديا، كما أنها تتعامل مع محلات بيع الحلويات، بالإضافة إلى الطلبيات التي تأتيها من الزبائن على مدار السنة، خاصة مع عيد الفطر. وبخصوص مستوى نشاط هؤلاء في شهر رمضان مقارنة بباقي الشهور الأخرى، قالت السيدة (ح.ح) صانعة وصاحبة محل بيع الحلويات إن دخلها يتراجع في الأسبوعين الأولين من شهر رمضان، مشيرة إلى أنها تكتفي بصناعة المعسلات فقط وطلبيات حفل الختان، غير أنه مع اقتراب عيد الفطر ينتعش نشاطها من جديد وتتفرغ لصنع الحلويات وخاصة التقليدية منها.
أما عن صليحة ربة بيت، فتحضر "حلويات منزلية" لمن ليس لديها الوقت لتحضيرها بنفسها، حيث قالت "كانت لدي دائما موهبة في صنع الحلويات التقليدية وقلت لنفسي لماذا لا أستغلها وأكسب بعض المال أمام ارتفاع كلفة المعيشة، حيث تقوم ببيع حبة الحلوى ب 25 دينارا، وهو سعر أرخص من المتاجر، وتطلب من الزبائن إحضار المكونات الضرورية لها إذا رغبن في ذلك. في حين قالت حنان وهي إحدى المختصات في صنع الحلويات التقليدية، إنها تتلقى كل يوم تقريبا طلبيات كثيرة منها المتعلقة بالأعراس خاصة في فصل الصيف، ومنها المتعلقة بالمناسبات العائلية وحفلات النجاح، أو في موسم الأعياد، مؤكدة أن السيدات يقبلن على أنواع الحلويات التي بها تفاصيل وألوان كثيرة لأنها تتطلب جهدا وتركيزا ووقتا طويلا، مؤكدة أنه قلما يطلب منها الحلويات التقليدية الشعبية على غرار المقروط والبقلاوة أو القطايف. أما عن الأنواع الأكثر طلبا فهي تلك المصنوعة أساسا من اللوز على غرار مقروط اللوز والدزيريات والعرايش والقنيدلات وبعض الحلويات السورية وغيرها. مؤكدة أن اختيار المكونات يكون حسب إمكانيات الزبائن، فهناك من يطلب حلوى باللوز والجوز، وهناك من يطلبها بالفول السوداني، ولكل نوع ثمنه.
وهنا أضافت سيدة، موظفة بإحدى إدارات الولاية، أنها تفضل طلب حلويات مناسباتها من إحدى صانعات الحلوى في المنازل، ليتبقى لها الوقت للتحضيرات الأخرى كالمسح وترتيب المنزل والاهتمام بنفسها وأبنائها الأربعة، بينما تصل طلبيتها جاهزة في العلب، مضيفة "نشري صحتي بسواردي"، أما السيدة نها عاملة، فهي تقول إنها حتى وإن حضرت بعض الحلويات في المنزل فإنها لا تحضر جميع الأنواع، بل نوع أونوعين والباقى تشتريه.
وعند حديثنا مع السيدة نوال، ومع ذلك فإن أغلب السيدات السطايفيات أكدن أنهن لا يطلبن سوى نوع أو نوعين من الحلوى خاصة الأعياد، بينما تحضرن باقي أنواع حلويات العيد في المنازل للمحافظة على "عادة العيد" كما قالت أغلبهن. ولم يقتصر طلب الحلويات الجاهزة على النساء العاملات التي يتحججن بضيق الوقت وانشغالهن بعملهن خارج البيت، فحتى الماكثات بالبيت أصبحن يتهافتن على اقتنائها جاهزة تجنبا للتعب والعناء وحرارة الجو المرتفعة، هذا ما أكدته حيزية من عين والمان "مع هذي السخانة منحملش نزيد حرارة الفرن.." وإلى جانب الحرارة المرتفعة تضيف أن صنع الحلويات في المنزل يتطلب وقت وجهد كبيرين، خاصة وأنها أم لاربعة اولاد كبيرتهم لا يتجاوز 12 سنة، فانشغالها بهم يعيبها على تحضير الحلويات في بيتها فهي تفضل اقتناء صينيتين من الحلويات أو ثلاث من مختلف الأنواع من محلات مختصة بصنع الحلويات، اومن عند المختصات في ذلك وهذه تكفيها لاستقبال ضيوفها في أيام العيد المبارك.
لذا فالعمل وضيق الوقت كان قاسما مشتركا بين العاملات اللاتي طلقن تحضير الحلويات بالبيوت.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)