بمجرد أن تطأ قدماك أرض إمارة أبوظبي بدولة الإمارة العربية المتحدة، تقابلك جنسيات متعددة، على غرار الجزائريين الذين يصل عددهم إلى ألفي جزائري فضلوا العيش في هذه الإمارة
الصغيرة، التي تحدّت الكثبان الرملية وحوّلتها إلى أبراج تلامس السحاب.
وأنت تتجول في شوارع هذه المدينة الجميلة، تقف على جملة من الملاحظات لعل أبرزها عدم وجود عناصر شرطة تسهر على تنظيم المرور في هذه الطرقات الواسعة الخالية من جميع مظاهر الحفر والمطبات والأوساخ.
والسبب يقول لي مرافقي، هو أن حركة المرور تسير بشكل عادي بالاعتماد على الأضواء، لأن الكل يحترم قانون المرور، فضلا عن وجود كاميرات في الشوارع، يرجع إليها عند تسجيل أي مخالفة، حيث تصلك الغرامة المالية إلى منزلك. وأضاف محدثي قائلا: هنا رجال الشرطة لا يتدخلون في الحوادث العادية، بل حضورهم يكون ضروريا في الحالات غير العادية .
ثاني شيء شد انتباهي، هو انعدام ظاهرة التجوال سيرا على الأقدام في الشوارع بسبب ارتفاع درجة الحرارة التي تعرفها أبوظبي، مع تعوّد الناس على ركوب السيارات الفاخرة، قبل قضاء حاجياتهم، فضلا عن اعتماد أبوظبي على أماكن الترفيه أشبه بالمدن الصغيرة والفضاءات التجارية المعروفة محليا بـ مول ، حيث تتوفر على جميع السلع والحاجات وتقدم خدماتها بشكل راق.
ورغم أن المنطقة صحراوية، تهيمن عليها الكثبان الرملية، إلا أن ثروة النخيل تقدر بنحو40 مليون نخلة، ناهيك عن عالم الأبراج الذي يسحرك والطرقات الشاسعة وكورنيش بمسافة 8 كلم، فاز بجوائز عالمية في مسابقات دولية لأحسن كورنيشات العالم.
هذا الزخم المتجانس أرجعه أحد الأصدقاء الذي التقيت بهم، والمطّلع على خبايا المجتمع الإماراتي، إلى جملة من العوامل، منها الأفكار الوحدوية التي آمن بها الشيخ زايد رحمه الله، وعمل على تطبيقها في الميدان، القيادة السياسية الصالحة التي وضعت مصلحة المواطن الإماراتي فوق كل اعتبار واستثمار الثروة البترولية بعقلانية، مع الاستفادة من الخبرات العلمية في العالم للتسريع في وتيرة التنمية وفقا للمقاييس الدولية، زيادة على إشاعة التعليم في جميع مراحله مجانا وتدعيمه بالدورات التكوينية محليا وعالميا، وانعدام الضرائب التي يمكن أن تنفر المستثمرين الأجانب، وتضاف لها حرية التجارة وتفعيل المبادلات التجارية، في إطار مناخ اقتصادي حرّ والانفتاح على ثقافات العالم ومنتجاته، مع الترويج للإمارات عالميا وعلى جميع المستويات.
العمل مقدس في أبوظبي
عندما رغبت في رؤية أحد الأصدقاء الجزائريين المقيمين منذ سنوات طويلة في أبوظبي، أثناء أوقات العمل، اعتذر لي بلباقة وأقنعني بأنه لا يمكن الخروج من المؤسسة إلا بعد انتهاء فترة العمل عند الساعة الرابعة، ثم استطرد قائلا: الموظف في أي مؤسسة ليس من السهل عليه مغادرة منصب عمله، إلا للضرورة القصوى ولفترة محددة، ولا يستوجب أن تتكرر مرات أخرى، فالقائمون على تسيير هذه المؤسسات يمجدون العمل، ويعطونه أهمية خاصة .
وأنا أناقش هذه النقطة مع أحد الإطارات، المنحدر من دولة عربية، روى لي ما حدث لصديقه الذي ذهب في إجازة لمدة 15 يوما إلى بلده بسبب مرض والدته، لكنه لم يستأنف عمله في الموعد المحدد، فكان مصيره الطرد، وحسبه فإن أرباب الشركات والمؤسسات لا يعترفون إلا بالكفاءات التي تمنحهم الإضافة، مقابل استفادة الموظف من أجور معتبرة جدا، بالنظر إلى ارتفاع مستوى المعيشة في هذه الإمارة التي قطعت أشواطا كبيرة في الرقي والتقدم، رغم أن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن النفط اكتشف في 1958 وأول شحنة تم تصديرها في .1962
دبي.. دار الحي
في مدينة أبوظبي، توجد سفارة الجزائر، قصدناها بناء على موعد ضبطناه مع ملحقها الثقافي، وكان لنا لقاء مع سفير الجزائر السيد حميد شبيرة الذي تبادلنا معه أطراف الحديث عن حال الجزائريين في هذه المنطقة وظروف المعيشة ومدى التكفل بانشغالات الجالية الجزائرية التي يفوق عددها ألفي مواطن.
كما كانت لنا جولة في مختلف أروقة السفارة، حيث وجدنا طاقمها بصدد التحضير لمستلزمات الانتخابات التشريعية. ووقفنا على المعدات الخاصة بالجواز السفر البيومتري، التي تم اقتناؤها خصيصا لهذا الغرض وهي لا تنتظر الآن سوى إشارة السلطات المركزية بالجزائر لتطبيق هذا النظام.
وإذا حطيت الرحال بدولة الإمارات العربية المتحدة، فإنك لن تستطيع الاستغناء عن زيارة دبي، فالجالية العربية تردد مثلا شعبيا دبي دار الحي ، في إشارة إلى مظاهر التحضر والتفتح التي تشهدها. والمؤكد أن تشييدها لأحسن برج في العام برج الخليفة ، الذي يعد أعلى برج بعلو 828 متر والذي دشن في جانفي 2010 وأكبر مركز تجاري مول ، دليل على قدرة هذا البلد على رفع التحدي.
وهنا ذكرني أحد الإخوان الذين وجدتهم في دبي بمقولة حاكم هذه الإمارة التي كانت مرسومة في جدارية في مكان عمومي، ويفيد محتوى مضمونها بـ إننا لم نجد أي شيء نتحداه فتحدينا الطبيعة .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : أبوظبي: مبعوث ''الخبر'' ل. فكرون
المصدر : www.elkhabar.com