الجزائر

أفارقة ويهانون في بوابة إفريقيا!؟



أفارقة ويهانون في بوابة إفريقيا!؟
تشهد مدينة تامنراست ومدن صحراوية أخرى نزوح آلاف اللاجئين من البلدان الإفريقية المجاورة، هروبا من الفقر والبطالة والحروب، وبحثا عن فرص ركوب قوارب الموت باتجاه أوروبا، وما تواجهه أفواج المهاجرين غير الشرعيين من مواجهات بين ”الأفارقة” والسكان المحليين الذين هم أيضا أفارقة، لكنهم كثيرا ما ينسون أنهم من نفس القارة التي تعاني من شتى أنواع الكوارث، حروب ومجاعات وأمراض.ليست مدن الصحراء وحدها التي صارت مرتعا لآلاف المهاجرين الأفارقة، بل كل المدن الجزائرية تعرف في السنوات الأخيرة أفواجا من البائسين الباحثين عن فرص للحياة، وبينما توصد أبواب الجزائريين وقلوبهم في وجوه هؤلاء المساكين، ويواجهون في كثير من الأحيان بعنصرية مقيتة، هذا إذا لم تتعرض نساؤهم وأطفالهم إلى الاغتصاب وشتى المظالم، ونهرهم عن الاقتراب من الأحياء السكنية بدعوى نقلهم للأمراض والسيدا، بينما يواجه الأفارقة بعنصرية واحتقار، تفتح الجزائر أبوابها إلى الآلاف من الآسيويين الذين يأتون هم بدورهم إلى البحث عن فرص عمل واستثمار وتحقيق الربح. وجاء في إحصائيات أخيرة أن الجزائر منحت 55 ألف تأشيرة عمل للصينيين، والقائمة ما زالت مفتوحة.صحيح أنه لا مقارنة بين المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، الذين لا يحملون في أمتعتهم غير الفقر والأمل في اصطياد فرصة للعمل مهما كانت بسيطة، قبل التطلع إلى العبور إلى الضفة الأخرى للمتوسط، وبين الوافدين الصينيين الذين أغلبهم رجال أعمال وتجار وحتى عمال مختصون يمتلكون حرفا في شتى المجالات، خاصة البناء، يأتون في أطر منظمة وهم يعرفون جيدا عما يبحثون، فكلا ”المهاجرين” هو نسخة وفية لما يميز بلدانهم، الفقر والمرض والأمية للأفارقة والمعرفة والتنظيم والنباهة للصينيين الذين انتشروا في السنوات الأخيرة بالملايين خارج حدود بلدهم، حاملين معهم ثقافتهم ومنتجاتهم الصناعية والحرفية، وأسسوا في مدن مثل نيويورك وباريس أحياء صينية لا تختلف عن بكين والمدن الصينية الأخرى.المؤلم في أمر الأفارقة أنه إن لم يأكلهم البحر في محاولات يائسة للوصول إلى شواطئ أوروبا كثيرا ما يقعون فرائس للمتاجرين بالبشر، وتجار المخدرات، فينتهي بهم المطاف في السجون، هذا إذا لم تجبرهم السلطات الجزائرية على العودة من حيث أتوا على متن رحلات شارتر مجانية، وتفتح بذلك أبواب بلد كان من المفروض أن يكون جنة للأفارقة، باسم كل الاتفاقيات المبرمة في إطار الاتحاد الإفريقي، وباسم الإنسانية والجوار ووحدة التراب وتاريخ القارة.وهكذا، تبقى المواثيق الإفريقية مجرد حبر على ورق، وتسقط شعارات إفريقيا للأفارقة، وإفريقيا هي عمقنا ومستقبلنا مرهونا بمستقبلنا، وغيرها مما يتردد في المؤتمرات واللقاءات الجهوية، ثم يسقط في النسيان.فلماذا نسمي بلادنا ببوابة إفريقيا، إذا كانت هذه البوابة تصد في وجه أبنائها ممن أجبرتهم ظروف القارة القاهرة إلى الارتماء في حضن المجهول؟ومتى نلتفت بجدية إلى ضرورة بناء إفريقيا موحدة لا تقصي أحدا وتوفر الحياة الكريمة لكل أبنائها؟!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)