تأسست تلمسان في منتصف القرن السابع الهجري عندما جمع السلطان يغمراسن بن زيان، الذي بويع ملكاً على مملكة بني عبد الواد، بين المدينتين القديمتين: أقادير وتقرارت، وجعل منهما عاصمة لحكمه بالمغرب الأوسط. وصارت تلمسان بذلك مدينة واحدة يحيط بها سوران: واحد خارجي وآخر داخلي، وتفصل بينهما مسافة لا تقل عن ثلاثة مئة متر مخصصة لأبراج الحراسة والدفاع، ولا توجد بها بنايات أخرى.
قال يحيى بن خلدون في "بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد" أن للمدينة: "خمسة أبواب قبلة باب الجياد وشرقاً باب العقبة وشمالاً باب الحلوي وباب القرمدين وغرباً باب كشوط. وهي مؤلفة من مدينتين ضمهما الآن سور واحد. وقال الملك أبو الفداء في مؤلفه "تقويم البلدان" أن لتلمسان ثلاثة عشر باباً، علماً أنه لم يزر تلمسان وإنما كان يستقي الأخبار عن غيره، وقد جاء ذكره لكل الأبواب، بينما اكتفى يحيى بن خلدون بالأبواب الكبرى.
وقبلهما ذكر البكري في "المسالك والممالك" عن أقادير أن "لها خمسة أبواب ثلاثة منها في القبلة باب الحمام وباب وهب وباب لخوجة وفي الشرق باب العقبة وفي الغرب باب أبي قرة".
وقد بقي سور تقرارات قائماً إلى الفترة الحديثة، أي مرحلة الاستعمار الفرنسي، وأبوابه هي: باب القرمدين وباب سور الحمام وباب الحلوى في الشمال، وباب زير (سويقة) وباب الربط وباب السجان في الشرق، وباب الجياد وباب تقرقرت وباب الحديد في القبلة، وباب كشوط وباب سقا في الغرب. ومجموع هذه الأبواب أحد عشر باباً، يضافون إلى ستة أبواب المدينة القديمة أقادير.
وقد قام يغمراسن بهدم أربعة أبواب حينما جمع بين أقادير وتقرارت لإنشاء تلمسان، فانهدم باب أبي قرة من جهة السور الغربي لأقادير وأبواب زير السويقة وباب الربط وباب السجان من جهة الشرق، فبقيت ثلاثة عشر باباً كما ذكر أبو الفداء. وجاء في "معجم البلدان" لياقوت الحموي إشارة إلى تقارب السورين المهدومين حيث قال: "أن تلمسان مدينتان مسورتان لا يبعد أحد السورين عن الآخر ألا بقدر مرسى حجرة".
أما السور الخارجي، فكانت له خمسة أبواب مقابلة للخمسة أبواب الكبيرة من السور الداخلي، ذكر اثنان منها في قصيدة لأبي عبد الله محمد بن يوسف القيسي أوردها يحيى بن خلدون، وهما باب الرجاء الذي كان يقابل باب الجياد في السور الداخلي وطريقه تؤدي إلى قرية العباد، وباب الملعب وكان على الطريق المؤدي إلى المنصورة. أما الباب الثالث، فهو باب أصيلان مقابل باب القرمدين، نص عليه يحيى بن خلدون في "بغية الرواد" وسماه الإدريسي باب أسلان في طريق "مصب الوادي" (تافتة). الباب الرابع هو باب الزاوية وموقعه مقابل باب الحلوي من السور الداخلي. وكان الباب الخامس يعرف بباب العزافين، على طريق نهر الصفصيف ويقابله باب العقبة، جاء ذكره عند ابن مريم في "البستان".
وكان لتوفر تلمسان على سورين، داخلي وخارجي، دوراً كبيراً في مقاومة أهل المدينة لبني مرين وصمودهم الطويل أمام حصار ملوك المرينيين الذي دام أزيد من ثمانية أعوام، بحيث استغل التلمسانيون المساحات الواقعة بين السورين لتوفير ما يحتاجونه من إنتاج زراعي، وتربية المواشي والدواجن، وتخزين المياه وما إلى ذلك ولو بقدر قليل 1.
1 : أنظر: يحيى بن خلدون: بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد، تحقيق: الفرد بال، ج 1، الجزائر 1930، ج2 الجزائر 1011- 1913. ابن مريم، البستان، تحقيق محمد بن أبي شنب، الجزائر: مطبعة الثعالبية، 1908. الإدريسي (أبو عبد الله محمد الشريف)، وصف إفريقيا الشمالية والصحراوية، "قسم من نزهة المشتاق"، نشر: هنري بيريس، الجزائر: منشورات جامعة الجزائر 1957. البكري (أبو عبيد عبد الله)، كتاب المسالك والممالك، تحقيق أدريات وأندري فيري، ج2، قرطاج: مؤسسة بيت الحكمة 1992
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/09/2010
مضاف من طرف : tlemcenislam
المصدر : http://www.almasalik.com