الجزائر

أسس التحليل البنوي عند دوسوسير والدرس اللغوي العربي



بدايتنا مع هذه المقولة الشهيرة لأحد علماء اللسانيات الغربيين الذي أعلا فيها شان ما أنتجه العقل العربي من مبادئ المعرفة اللغوية ،وما أسسه من قواعد منهجية هامــــة وجادة،يقول:لم يسبق الغرب في المعرفة اللغوية–خاصة في الجانب الصوتي- إلا أمتان :العرب والهنود . لقد بدأ علماء العربية القدامى درس اللغة بتوصيف جوهرها انطلاقا من هيئاتها التي تتجلى فيها، فهي كما عرفها ابن جني (ت392هـ) جهاز صوتي ، وبمفهومنا المعاصر بنية صوتية ضخمة تتمتع بنظام هيكلي منسجم ،وهو ما أشار إليه أولمان في شانها وحدودها قال:إن اللغة ليست عبارة عن قضية من العناصر المتغايرة ،بل هي نظام مهيكل حيث أن الكل متماسك ومتضامن وحيث أن كل عنصر يستمد قيمته من موضعه البنوي . هذه الظاهرة اللسانية الملاحظة من عالمين جليلين تشير-رغم الهوة الزمنية التي تفصلهما–إلى وحدة التأسيس للمفهوم الذي تشغله اللغة ضمن حيز منهجي شيده سوسير(ت 1913م) لموضوع اللسان في إطار مشروعه البنوي. وفي هذا السجال تحاول مقالتي عندئذ محاورة جانب من هذا المشروع السوسيري الكبير،ونظرا لضخامته وصعوبة إنجازه قصرنا التحليل على آليتين مختلفتين في ظاهرهما ملتحمتين في جوهرهما،هما: نظام القيمة اللسانية كما سمى سوسير ،وسهل لنا فهمها عندما مثلهما بلعبة عالمية هي: "الشطرنج" ،كما تسافر مقالتي إلى إحضار الماضي اللغوي العربي وتجلي واقعه المعرفي والمنهجي ، وتستقصى مفاهيم ذانك المرتكزين بمقاصدهما ضمن رؤية مقاربتية للتجاذب الفكري وتقاطع تأصيلا ته العلمية. لاشك في أن التأريخ للماضي اللغوي الإنساني والحاضر اللساني يستجمع اتجاهات متغايرة ،قد تكون متغايرة إلى حد التعارض،رغم انبجاس الأصول من مشرب مماثل،حيث تأسست القواعد اللغوية الأولى على مبادئ متشابهة،والتأمت في أغراض مشتركة ،نحو التوافق في رؤية موضوعاتية للسان والنظر إلى حقيقته الوظيفية كغرض مجرد، متمفصلة مستوياته . هذا التقارب المنهجي يندرج ضمن إشكالات الدرس اللساني العربي الراهن، كما يحيل إلى واقعه الباحث المعروف عبد القادر الفاسي الفهري في مؤلفه: اللسانيات واللغة العربية ،حيث يستشرف واقعا آخر لرهانات اللسانيات العربية التي تروم بناء نظرية تؤرخ للفكر اللغوي العربي، بعيدا عن الإسقاطات الظرفية بتبني منهجية المحاور والنفاذ إلى الأفكار الدالة والمبادئ المحورية للدرس اللغوي عند العرب .

تنزيل الملف


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)