تمرُّ المجتمعات اليوم بأزمة حادة من القيم، يشكو منها رجال الفكر، فضلاً عن الإنسان العادي. ويحاول الكثيرون تفسيرها تفسيرات ترتكز على أبسط مظاهر الحياة، وترقى منها حتى تصل إلى أكثرها تعقيداً، وأوسعها شمولاً. ولكن، قلَّ من انتبه إلى التعقيل ذاته هو في أصل هذه الأزمة، على الرغم من أن القيم ذاتها، هي نتيجة تعقيل أيضا. وهذا يطرح علينا مسألة قيمة العقل في المجتمع عمومًا، والمجتمع المعاصر على وجه الخصوص.
لا شك أن العقل، بما هو في أصل كل تعقيل، قدّم خدمات جلى للإنسان صاحبه؛ فلولاه لما كانت الحضارة والثقافة، ولما كان هذا الرقي الذي رفع حياة الإنسان من طور التوحش إلى طور التحضر. ولكن، يبدو أن الآلية التي يعمل وفقًا لها، لا بد لها أن تنتهي إلى ما انتهت إليه، إذا لم ينتبه إلى بعض المحاذير الناتجة عن استخدامه هذا الاستخدام، في الحياة الاجتماعية بخاصة، والحياة الإنسانية بعامة. فما عساها تكون هذه الآلية؟ وما المجالات التي استخدمت فيها، فنجحت وأدى نجاحها فيها إلى استخدامها في المجالات الاجتماعية والإنسانية، فانتهت إلى ما انتهت إليه؟ وإذا انتهى العقل إلى أزمة القيم التي تمرّ بها المجتمعات الحديثة والمعاصرة، فما البديل الذي يمكن أن يحل محله، ليدفع الإنسان في طريق تجاوز حضارة مأزومة القيم، إلى حضارة تفرجها القيم؟
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 29/09/2023
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - رشيدة محمدي رياحي
المصدر : أبعــاد Volume 3, Numéro 1, Pages 37-46 2016-01-31