الشيخ الفقيه الوالي الصالح أبو العباس ظريف العارفين، صاحب العقيدة المنظومة اللامية المشهورة (التي أولها:
الحمدمد الله و هو الواحد الأزلي
سبحانه جل عن شبه و عن مثل
فليس يحصى الذي أولاه من نعم
أجلهـا نعمـة الإيمان بالرسـل
وهي تنيف على أربع مئة بيت)
قال فيه بعض العلماء و قد ذكر أبا زيد سيدي عبد الرحمن الثعالبي: هو نظيره علما و عملا.
و قال الشيخ زروق: كان شيخنا أبو العباس أحمد الجزائري من أعظم العلماء إتباعا للسنة، و أكبرهم حالا في الورع، و كان يشير علينا بأنه ينبغي لمن وسع الله عليه من الدنيا أن يظهر عليه اثر النعمة الله تعالىن باستعمالها على وجه يباح، ولا يخل بالحق و لا بالحقيقة بأن يلبس أحسن لباس جنسه أو وسطه و يتخذ مرقعة إن أمكنه يجعلها عدته و أصل لباسه فما دام غنيا عنها استغنى و إلا فهي مرجع عنده. ا هـ و قد شرح الإمام السنوسي المنظومة المذكورة شرحا حسنا، و أثنى فيه على ناظمها بالعلم و الصلاح توفي سنة 884.
أقول: و لما بعث سيدي أحمد بن عبد الله منظومته الجزائرية إلى العلامة سيدي محمد السنوسي طالبا منه شرحها أجابه الشيخ إلى مطلوبه، وأرسل إليه شرح، فقرضه بقوله:
شرح الكفـاية أيهـا المتديـن
تحصيله الفرض عليـك معــين
تجلو معاينة القلـوب من الصدا
و تنيرها و اللفـظ سهل بــين
ما هو إلا الروض يحسن منظـرا
من ذا يرى حسنا و لا يستحسن
يـا ناظريـه و كـاسبيه بغيظة
فـأعز من ثمن النفيس المثمــن
يجـزي مؤلفـه الإلـه بجنـة
دار النعيم بهـا تقـر الأعــين
و قال ايضا يرثي شيخه سيدي عبد الرحمن الثعالبي:
لقـد جـزعت نفسي لفقد أحبتي
و حق لها من مثل ذلك تجــزع
ألم بنـا مـا لا نطيـق دفـاعـه
و ليس لأمر قدر الله مرجـــع
جرى قدر المولى بإنفاذ حكمـــه
و من حكمة أنا نطيع و نسمــع
فـلا تعجبن إلا لغفلتنـا التـــي
دهتنا فصرنا لا نخاف و نسمــع
قلوب قست مـا إن تلين و إنهــا
لتعلم أن القبر مثوى و مضجــع
و إن الفناء الخلق حتما و إنمـــا
دوام البقـا حقا إلى الله يرجــع
و من بعده هول القيامة و اللقــا
فيا هول مـا نلقى و ما نتوقــع
فدع عنك دنيا لا تدوم و إنهـــا
و إن أظهرت حسنا يروق ستخدع
ودع عنك أمالا فقد لا تنـــالها
و إن نلتها نلت الذي ليس ينفــع
و بادر لتقوى الله إن كنت حازمـا
هي العروة الوثقى بها النار تدفــع
و شمر لأخرى و استمع قول الناصح
و حاذر هجوم الموت إن كنت تسمع
فأين خيار الخلق رسـلا و أنبيــا
و أين رواة العلم في اللحد أودعوا
فليس ذهـاب الخير إلا بفقدهـم
و تشتيت شمل العلم قل كيف يجمع
و لا خيـر في الدنيا إذا لم يكن بها
شموس بـأنوار الشريعـة تسطع
ليشوك قبض العلم عنا بقبضهــم
كما قالـه خـير الأنام المشفع
لقد بأن أهـل العلم عـنا بقبضهم
منازلـهم إنا إلـى الله نرجع
كما بان عنا شهمنا العـالم الـذي
سناه بأنـوار الحقيقـة يسطع
أبو زيد المشهور بالعلم و التقى
لهئ العلم فينا و المقام المرفع
هو العالم الموصوف بالنفع المورى
به عنهم خطب الحوث يرفع
صبور الكريم النفس يكسي مهابة
فما إن يراه المرء إلا ويخضع
إذا ما بدا كالبدر بين صحابه
و هم هالة دارت به حين يطلع
بمجلسه نور ورائق لفظه
ضياء نفس الدر بل هو أرفع
فوائده تترى عليهم و كلها
لها عند أهل العلم و الفهم موقع
مجالس علم قد مضت فلو أنها
تعود و لكن ما مضى ليس يرجع
نتيجة إخلاص و صدق كأنها
سهام بها يرمى القلوب فتخشع
و يلمع في أثنائها بمواعظ
تنفر عن فعل القبيح و تردع
فيا له قبر الشيخ طوبي لمعشر
لهم من جوار الشيخ لحد و مضجع
أعزي أبا عبد الإله محمدا
و من بجميل الصبر الجميل ويوسع
فيا سيدي إني رثيتك راجيا
سلو قليب من فراقك موجع
و لي فيك حب زائد متمكن
حوته سويداء الفؤاد و أضلع
لئن كان حظ العين منك فقدته
فأني برؤيا الروح في المنوم أقنع
على أنني بالإثر لا شك لا حق
و من ذا الذي يرجوا البقاء و يطمع
فتسـألـه سبحـانـه بنيـة
عني بفرداس النعيم سنـجمع
و يغمرنـا و السامعين برحـمة
ننال بها الفوز العظيم و نرتع
و أهدي صلاتي للنبي محمد
لعل بها في حوضه العذب نكرع
و أصحابه الغر الكرام و آله
و من كان للإحسان و الحق يتبع
عليكم أبـا زيد الإمام تحية
ورحمة مولانـا الكريم تشفع
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف