الجزائر

أحزاب ببرامج مستنسخة وشبح العزوف يخيم على المشهد السياسي



عدد القراء 1
الزوايا الجزائرية في صلب العملية الانتخابية

دخلت الزوايا في الجزائر في صلب العملية الانتخابية، حيث تجندت لدعوة المواطنين للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة، وعدم مقاطعتها، خاصة وان الظرف الراهن يمثل بمثابة اختار للجزائر، حيث تكثر حملاتها على وجه الخصوص في المناطق الجنوبية والداخلية .
ولا تعد الخرجة التي تقوم بها الزوايا لرفع نسبة المشاركة الانتخابية استثناء ، بل درجت على فعل ذلك طيلة سنوات ومنذ فجر الاستقلال، وظهر تواجدها أكثر خلال عهدة الرئيس بوتفليقة بالنظر للترقية التي حظيت بها في عهده.
وفي هذا السياق يتحرك، الشيخ سيد علي تيجاني، شيخ الزاوية التيجانية، لتجنيد المواطنين للتلبية نداء الانتخابات وتجنب المقاطعة، مذكرا بأهمية هذا الاستحقاق الذي سيجري في ظروف مغايرة يجب مراعاتها، حيث تعد الزوايا من ابرز وسائل الإقناع والتعبئة في الجنوب الكبير، بالنظر لما تتمتع به من ثقة في وسط المواطنين حيث يعود لها الفضل في رفع نسب المشاركة الانتخابية الوطنية.
وتعد هذه الزاوية، هي الأكبر وطنيا ولديها فروع عديدة، حيث تتمركز بولاية الاغواط، والمناطق التابعة للولاية، والجدير بالذكر أن الشيوخ الزوايا يدرجون في خطابهم الانتخابي السياق العام للانتخابات والرهانات الخارجية، عندما أكد أن الانتخاب يصب في خدمة مستقبل البلاد، ووقوفا في وجه المؤامرات والدسائس الخارجية.
وتعد هذه المنابر الصوفية الأهم في تجنيد المنتخبين، وبحسب تقديرات البعض فان عدد أتباع الطريقة التيجانية، على سبيل المثال، في العالم يصل الى نحو400 مليون تيجاني، منهم 400 ألف في المغرب وأكثر منهم في الجزائر، مما يظهر التأثير السياسي الذي تتمتع به الزاوية في صناعة الخرائط الانتخابية. وهذه الأرقام تبين أن حجم أتباع أي ‘زاوية' يفوق أعداد أكبر حزب سياسي، سواء في المغرب أوالجزائر، عمره يتجاوز خمسين سنة أو أكثر أي منذ مرحلة الثورات ضد الاستعمار لغاية الآن.
وظهر خلال الانتخابات الرئاسية أهمية الزوايا حيث زار بوتفليقة مدينة رقان جنوب ولاية ‘أدار' مكان تواجد "الشيخ سي حمي" أي محمد بلكبير ،كما اهتم الرئيس بوتفليقة بالمرور على أكبر "زوايا" الولايات، وعندما سئل "الشيخ سي حمي" شيخ الزاوية عن الزيارة أجاب "من جاء الى هنا لن يخيب باذن الله، وبوتفليقة سينجح لأننا نسانده".
ويذكر ان الطريقة التيجانية هي أبرز مثال على دور الزوايا، وهي ذات نفوذ كبير وواسع في القارة السمراء، حيث يعود نسبها الى أبوالعباس أحمد التيجاني المولود في قرية عين ماضي في الجزائر عام 1737 والمتوفى في مدينة فاس المغربية عام 1815، والذي تتلمذ على يد مشايخ عدة طرق صوفية، منها الزاوية الوزانية والدرقاوية والناصرية، وهي أرقام فاعلة في العملية الانتخابية ولهذا لايفوت الساسة الاستعانة بها لتحقيق النصر .
الوهرانيون فقدوا "شهية" الإنتخاب والأحزاب تعجز عن الإقناع
بعد مرور اليوم السابع من الحملة الإنتخابية، ورغم ضجيج "القرقابو" أمام صالات وقاعات وهران لدقائق معدودة بوصول زعماء الأحزاب والتشكيلات المختلفة، لا يزال الشارع الوهراني في واد والطامحين لمقاعد قبة البرلمان في واد آخر، ولم تجد العديد من الأحزاب سواء التي تسمى بالكبيرة أو الصغيرة أو كما سمتها لويزة بالأحزاب المناسباتية من حيلة لملئ القاعات سوى جلب بعض النسوة والشبان من الضواحي عبر الحافلات بهدف النزهة في شوارع عاصمة الغرب الجزائري، أوبضمان وجبة غذاء بإحدى مطاعم الباهية بعد أي تجمع ، وظهر للعيان أن جل الأحزاب لم تتمكن من إقناع المواطن ببرامجها والتي لم تختلف من حزب لآخر، سوى بالشعارات الرنانة من التغيير إلى الشباب والمرأة ، إلى التحذير من العزوف في الموعد القادم لأنه مصيري .وتولدت بين الناخبين وصناديق الإقتراع حالة من النفور والعزوف وحتى الإمتناع والمقاطعة ولأسباب تفرض على السلطة والأحزاب والسياسيين والمختصين في علم الإجتماع، البحث عن السر وراء فقدان المواطن ل"شهية " الإنتخاب، بغض النظر عن طبيعة الإستحقاق السياسي.ولن تكون هذه الأحزاب في مواجهة عامل واحد لإقناع الشارع بضرورة الإنتخاب، فالأداء "الضعيف" للبرلمان، خلال العهدة المنقضية، يحيل إلى تصور "عقوبة جماعية"، قد يدفع ثمنها المرشحون المفترضون لسباق التشريعيات القادمة، رغم أن الإصلاحات السياسية الأخيرة كانت ضامنا لتحقيق نسبة مشاركة عالية لذلك والتعويل على عذرية أحزاب جديدة وكاريزما قياداتها،ومثلما تفتقد مباراة في الكرة، مهما كانت، سمعة الفرق التي تلعبها، لنكهتها لوجرت في ملعب خالٍ من الجمهور، مثلما هو الشأن بالنسبة للإنتخابات التشريعية المقبلة المهددة، هي الأخرى، بإعتراف الجميع، سلطة وأحزابا، بهاجس ضعف الإقبال الشعبي عليها، رغم أن البرلمان المقبل سيحدد شكل الدستور الجديد الذي يسير البلاد. وهوما كان في صلب كل زعماء التشكيلات السياسية التي زارت وهران لحد الآن.لم تعد قيادات الأحزاب تكتفي فقط ب”التعيين الفوقي” لمرشحيها للمواعيد الإنتخابية، دون الأخذ برأي مناضلي الحزب في القاعدة أومحاولة معرفة موقف الناس من هذا المرشح أوذاك، بل تحول إعداد قوائم المرشحين في السنوات الأخيرة، وخصوصا رؤوس متصدريها، يحكمها مبدأ ”الشكارة” على حساب الكفاءة والنزاهة، وهي صورة لزواج السلطة السياسية بالمال، ما جعل العملية الإنتخابية تنتقل من إنتخاب ممثلين عن الشعب لتسيير شؤونه العامة، إلى مجرد إستخراج من يشغلون مناصب ذات حصانة لتحقيق مآرب وأعمال شخصية لا علاقة لها تماما بالتمثيل الديمقراطي.وعند غياب ثقافة الثقة، تجد هذه الأحزاب نفسها في حالة إرتباك، وتسعى بالطرق المختلفة لتعبئة الموارد المختلفة لضمان مشاركة إنتخابية وسياسية فعالة، لأن العزوف عن الإنتخابات يشكل ضربة لهؤلاء جميعا ولمصداقية الإقتراع القادم ، فالأحزاب أصبحت كائنات سياسية ميتة منشقة على نفسها وغير ديمقراطية، وهوما فتح المجال أمام أشباه الساسة لملء الفراغ العمومي بين السلطة والمواطن، ولكونها أضحت متشابهة في خطابها مختلفة في مسمياتها وبعضها ظل لسنوات تقتات من السلطة لينقلب عليها طمعا في استدراج ناخبين، فقد ظل كثير من هذه الأحزاب، دهرا من الزمن، يستمد شرعيته من عناصر تجاوزها الزمن ودخل في نفق المال السياسي ففسد وأفسد.والمشكلة حسب بعض المختصين والذين إلتقت بهم الجريدة أن الأحزاب "مشخصنة" وليست أحزاب برامج. ولعلك تلاحظ أن الأشخاص حاليا يصوتون لأبناء العشيرة وأبناء القبيلة ولا ينتخبون على أساس رؤية برامجية واضحة. ليست المشكلة مشكلة تسويق؟ ماذا تسوق إذا كانت البرامج واحدة؟ ومن هنا تشير دراسات علم اجتماع الإنتخابات إلى أن نسبة الإمتناع تزداد كلما كان موضوع الإنتخابات بعيدا عن إهتمامات المواطنين ومشاغلهم اليومية. ثم يجب أن نشير إلى أن المواطن العادي سئم من الساسة الذين يعيشون في سبات لأربع سنوات، ليستقيظوا في موجه الحملات مالئين الساحة السياسية صخبا وضجيجا.كما أن إقتراب الساسة من المواطنين عملية مهمة ويكون ذلك بالعمل السياسي المبني على إقتراح بدائل إجتماعية وإقتصادية، لأن ما يحرك المواطن الفقير هوالشغل والوظيفة والخبز، فقد كشف الخبير الإقتصادي "بشير مصيطفى" أن أحد الأحزاب السياسية الإسلامية ودون ذكر اسمها قامت باستنساخ برنامج اقتصادي لحزب إسلامي ناشط بمصر وأعاد طبعه وتوزيعه على المواطنين وهو الأمر الذي وصفه بالمؤسف والمحزن،على حد تصريح المتحدّث.وأكد من جهة أخرى أن كل من حزبي "الأفلان" و"الأرندي " قاما بإستنساخ برامج تشريعيات 2007 وإعادة طرحها على الجزائريين. وقال "مصيطفى "أن الأغلبية الساحقة من الأحزاب السياسية المشاركة في التشريعيات القادمة ليس لديها برامج اقتصادية جديرة بهذا الحدث السياسي الهام، مضيفا أن معظم التشكيلات السياسية تتنافس للحصول على مقاعد في مجلس الشعب إلا أنها لا تعلم ماذا يجب عليها القيام به في حال انتخابها يوم العاشر ماي المقبل لإخراج الاقتصاد الجزائري من المشاكل التي يعيشها.وأوضح مصيطفى في سياق ذي صلة أن حزب جبهة التحرير الوطني مثلا لا يمتلك أية إستراتيجية اقتصادية وأن هذا الأخير يسير في ركاب برنامج رئيس الجمهورية ولم يأت ببرنامج خاص يقترحه لنفسه ويقنع به الناخبين. وهوما سيشكل صعوبة كبيرة للحزب العتيد خلال سباق التشريعيات المقبلة وسينعكس سلبا على مدى إقبال المواطنين على صناديق الإقتراع. وقال الدكتور بشير مصيطفى في سياق ذي صلة "بدون تعميم، يمكننا أن نقول إن الغالبية العظمى ليس لديها ما تقترحه على الناس ".




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)