أوصى أئمة المساجد عبر ولايات الجمهورية المصلين في خطبة الجمعة، بالامتناع عن الاحتجاج على الظروف المعيشية المزرية والبطالة بإضرام النار في الجسد. ودعا الخطباء إلى عدم الانسياق وراء ما يحدث في الجارة تونس، لأن الجزائر مرت بوضعية أصعب، ولا يجب تكرارها بالاحتجاجات
التي ستؤدي إلى تغييب الأمن.
لم يلتزم الأئمة، أمس، بتعليمات وتوجيهات وزير الشؤون الدينية والأوقاف، ومن ثم بأوامر الحكومة فقط، بتحريم الانتحار حرقا بالنار، على طريقة الشاب محمد البوعزيزي، الذي فجر ثورة تونس، بل ذهبوا في خطبهم، إلى دعوة المصلين إلى الامتناع عن الاحتجاج والقناعة بما ابتلانا الله به من فقر وفساد ومرض .
وأفادت تقارير مراسلي الخبر بأن الأئمة وضعوا النقاط على الحروف بخصوص الانتحار حرقا على طريقة البوعزيزي، بعدما تزايدت الحالات ليس في الجزائر فقط، بل في كل البلدان العربية.
وقال أحد أئمة مسجد في حي العناصر لا يمكن أن نحتج بذنب أكبر، فالانتحار حرام، بالنار أو بغيره .
وتابع إنه الجهل والابتعاد عن القرآن والإيمان من يدفع بهؤلاء لارتكاب الخطيئة، ولو كانت على طريقة من أشعل النار في تونس .
أما إمام آخر في بومرداس، التي شهدت نهاية الأسبوع، حادثة محاولة الانتحار حرقا، فقال لا يعذب بالنار إلا رب النار، فهل فوق هذا الحديث كلام آخر؟ وأضاف المتحدث بلهجة حادة لا يمكن أن نحتج على البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية بالانتحار، الذي أصبح الكل يرى فيه مجرد طريقة للفت الانتباه، وأنها لا تحمل أي ذنب .
وفي شرق البلاد، قال إمام وسط مدينة سكيكدة لا تحسبوا بأن ما حدث في تونس، سيتكرر في الجزائر، وأنه إن حدث، فسنذوق أمر ما عشناه خلال العشرية الماضية . وربط الخطيب غياب الأمن والاعتداء وفرض حظر التجول في تونس، بما سيحدث في الجزائر، حيث سيفرض منطق الغاب نفسه، ونندم على عدم الصبر بما ابتلانا به الله من فقر وفساد المؤسسات والمسؤولين .
كما أوضح عدد من أئمة قسنطينة على غرار مسجدي الأمير عبد القادر والاستقلال وعلي منجلي بالمدينة الجديدة خلال خطبة الجمعة أمس، بأن انتحار الشاب الجزائري حرقا يعد ظاهرة غريبة عن مجتمعنا، وبأنها تقليد أعمى لمظاهر الاحتجاجات الاجتماعية في الدول الغربية، داعين الشباب الجزائري إلى الرجوع لجادة الصواب.
وفي تبسّة ذكر أئمة غالبية المساجد بالأحاديث النبوية التي تتكلم عن تحريم الانتحار والقنوط من رحمة الله، وركزوا على أن الإنسان المسلم له عدة طرق للتعبير عن احتجاجاته دون اللجوء إلى قتل النفس. أما في سوق اهراس فقد تحدث بعض أئمة مساجد المدينة، على غرار مسجدي عوادي وعمر بن الخطاب عن ظاهرة الانتحار حرقا بإسهاب، وحثوا الشباب على عدم التسرّع في الانتحار وسلك طرق أخرى في الاحتجاج، والبحث عن سبل أخرى لتحقيق العيش الكريم.
الأكثر من هذا كله، لم يخرج الأئمة عن دعوة المصلين إلى عدم الانسياق وراء النداءات التي تدعو للعصيان، لأنها لن تفيد في شيء، خصوصا أن عشرات الطرق كافية لطرح مطالب الشعب .
من جهته، أوضح مصدر مسؤول من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، بأن الوزارة وجهت تعليمات كتابية لمدراء الشؤون الدينية عبر الوطن، للتركيز لأسابيع على ضرورة احترام النفس البشرية، والتمسك بتعاليم الدين الحنيف . وأضاف في تصريح لـ الخبر بأنه لم يفرض على الإمام من خلال التعليمات خطبة نموذجية لكن تم الاتفاق على الخطوط العريضة فقط، التي ترتبط أساسا بضرورة الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، وتحريم الانتحار حرقا .
ووحد الأئمة خطبهم، بعد أن تمرد عدد منهم في وقت سابق، عن الالتزام بالتعليمات التي تعطى، خصوصا مع بدء الاحتجاجات خلال الشهرين الماضيين، بسبب مشكل السكن. وألزمت الوزارة المدراء والمفتشين على مستوى الولايات، بضرورة، فرض الانضباط في صفوف الأئمة، من أجل أداء المسجد لدوره كمؤسسة، يجب أن تزرع روح الوطنية وحب الوطن، وتمنع انحراف الأوضاع باستغلال التيارات السلفية المتطرفة للمنابر .
يشار إلى أن الجزائر العاصمة، والمدن الكبرى قد فرضت على محيط مساجدها تعزيزات أمنية إضافية، تجنبا لخروج المصلين في مسيرات عفوية، قد تؤدي بالأوضاع إلى الانحراف. ويأتي الإجراء الاحترازي بناء على المعلومات التي يتم تداولها بتنظيم مسيرات في الأحياء الشعبية تحديدا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/01/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الجزائر: زبير فاضل/مراسلون
المصدر : www.elkhabar.com